حكايات من خربة ادمث

في منطقة خربة أدمث جرت احداث كثيرة على مر التاريخ بسبب موقعها الجغرافي المميز وقربها من قرية البصة المزدهرة انذاك الذي كان يمر بها طريق صور اللبنانية وعكا الفلسطينية .ولكن اشهر الحكايات  ما سجلهما التاريخ وحدثا بالفعل وعرفهما الكثيرون .نعود ونسردهما مجددا .والعود أحمد
البدوي الشجاع
يا الله يا الله
يا رب يا رب فعلا النصيحة نفعت معي
دائما كانوا يقولون لي خذ شبريتك معك …ما تعرف اش يصير معك بالبر …ومنيح اللي اخذتها معي فقد انقذتني …بهذه الكلمات كان عبدالله قاسم محاميد كان ينطق وهو على الحمالة في طريقه لمستشفى نهاريا..كانت تقله سيارة تندر تابعة لحرس الحدود..في ذللك اليوم الجمعة 12 فبراير 1965 والى جانبه كان ملقى النمر المفترس المقتول الذي تعارك معه ..كان نمرا ذكرا…بالغا ..وعلامات جرح عميق في رقبته اثر الصراع مع عبدالله القاسم ..وايضا علامات الرصاص على رأسه اثر اطلاق النار عليه ..بعد ان لفظ انفاسه الاخيرة

النمر المفترس  بعد قتله

وكان عبدالله القاسم قد خرج للرعي مع قطيع الماعز باكرا في يوم الجمعة 12-2-1965 في منطقة خربة ادميث… المهجرة الان ….في منطقة التقاء وادي كركرة ووادي الدلم
وفي الساعة التاسعة تقريبا استشعر كلبه بالخطر القادم وبدأ بالنباح والعويص من الخوف وتفرق القطيع في كل نحو وصوب…وبينما لم يعرف عبدالله ما الذي يجري؟ اذا انقض النمر المفترس على كلبه الامين وارداه قتيلا في الحال…ومن ثم قفز على عبدالله واسقطه ارضا..واخذ يعضه عضا شديدا في كل انحاء جسمه..ومن حسن حظ عبدالله ..تذكر الشبرية واستلها بلمح البصر..وغرسها في رقبة النمر غير ابه بشدة الالم وقوة النمر …مصيبا النمر بجراح بالغ ..ادى الى تراجعه وهروبه عدة امتار ..ينازع وهو في سكرات الموت الاخيرة.وزحف عبدالله بكل ما تبقى له من قوة عدة امتار.. وهو يصرخ ويستنجد باعلى ما امكنه صوته للنجدة..ومن حسن حظه أن يسمعه حارس الاحراش سليمان يوسف رعد 21 عاما من شفاعمرو الذي تواجد في المنطقة..وما ان اقترب من المكان حتى هاله المنظر المرعب لعبدالله وهو مثخن بالجراح ..والدماء قد ملأت ملابسه الممزقة..والنمر لجانبه في سكرة الموت الاخيرة..وارسع الحارس لشرطة ايلون القريبة لطلب النجدة..وعاد برفقة الشرطي عموص حداد وثلاثة افراد شرطة اخرين..وكان كل شئ قد انتهى تقريبا الا الفاظ نفس النمر الاخيرة وانين اوجاع عبدالله القاسم…واطلق افراد الشرطة النار على رأس النمر ..للتاكد من موته ..ولم يحرك ساكنا فقد قتلته شبرية عبداله القاسم..وتم نقل جثة النمر والجريح عبدالله القاسم بنفس سيارة التندر لمستشفى نهاريا..ولم يصدق مندوب المستشفى المحادثة اللاسلكية بان لديهم رجل جريح اثر صراع مع نمر مفترس…وجثة النمر ايضا…كما لم يصدق افراد الشرطة سابقا الا بعد ان شاهدوا المنظر

قاتل النمر المرحوم عبدالله قاسم محاميد مع احدى قريباته



وبوصول المستشفى احتشد الاطباء وموظفي المستشفى غير مصدقين اعينهم …وقام بيطري المنطقة الدكتور داني سفير بفحص جثة النمر التي كانت خالية من الامراض وداء الكلب وتم التصرف بجثته…
في حين ادخل عبدالله القاسم البدوي الشجاع الى المستشفى وتم معالجته لفترة طويلة ..من الجراح البالغة التي تسبب بها النمر المفترس..ادت الى تشوهات في جسمه وقطع بعض اصابعه …واصبحت قصته مشهورة وكانت ضمن المنهاج الدراسي الابتدائي ..بعنوان البدوي الشجاع…وقد توفي عبدالله القاسم بعد سنوات من قتله النمر ودفن في مقبرة خربة ادميث المهجرة …له الرحمة …


الخبر كما نشر في الصحافة العبرية في ستينيات القرن الماضي






ريحانة وأمير الشعراء / سعود الأسدي

توطئة: في سنوات العشرينات من القرن الماضى جرى تنصيب الشاعر أحمد شوقي أميراً للشعراء، وكان لهذا الحدث الضخم دويّا كبيراً تردّد في أسماع العرب في جميع أقطارهم يوم كان للشعر صولة ودولة، وتجاوبوا معه بكل فخرٍ واعتزاز حتى قال شاعر النيل حافظ أبراهيم :
أميرَ القوافي قد أتيتُ مبايعاً   
وهذي وفودُ الشرقِ قد بايعَتْ معي
وادي الدلم الذي كان يشكل طريق بين مدينة عكا وصور اللبنانية


وقد كثرت الاحتفالات بهذا الحدث الضخم، وأقيمت المهرجانات والندوات استجابة لتلك المناسبة البهيجة لا سيما وأن أحمد شوقي كان تعويضاً عن ألف عام بعد المتنبي شاعر العرب والعروبة الأكبر إلى يومنا هذا .
وكان للبنان نصيب بمهرجان كبير أقيم على شرف أمير الشعر والشعراء، وقد حضر بنفسه إلى مدينة زحلة
مدينة زحلة اللبنانية جارة الوادي التي غنى لها الموسيقار عبد الوهاب

وهي (جارة الوادي) كما دعاها في قصيدته التي مطلعها :
شيّعــتُ أحلامـــي بقلبٍ باكــي   
ولممتُ من طرق الملاح شباكي
والتي يقول فيها :
يا جارة الوادي طربت وعادني  
ما يشبـــه الأحـــلام من ذكراكِ

وكان يومها أن اتّخذ أمير الشعراء طريقاً برّياً للوصول إلى لبنان بسيارة خصوصية أقلّته ورفقاءه ومنهم بلبل الشرق المطرب محمد عبد الوهاب، وكان أن خرجوا من العريش إلى رفح فغزة فيافا فحيفا فعكا إلى رأس الناقورة بين فلسطين ولبنان .
" وعندما جاء أحمد شوقي ليجتاز رأس الناقورة إلى جنوب لبنان، وكان الوقت مساء، التفت هو ومن معه إلى الشرق فرأوا ناراً عظيمة وخياماً وقوماً يسهرون ويغنّون، فدفع حب الاستطلاع والحاجة إلى الراحة أمير الشعراء وصحبه إلى التعريج على النار والنزول ضيوفاً أعزّاء على عشيرة "عرب العرامشة "، وكانوا مجتمعين في حفلة عرس، وكانت الدبكة البدّاوية على أشدّها، فانطلقت " المهاهاة والزغاريت " للوافدين على عادة الفلسطينيين في استقبال ضيوف الفرح " ..
ونمى الخبر في الناس بأسرع من البرق أنّه أحمد شوقي، وأنّه أكبر شاعر عربي، وأنّه من مصر!! وهُرع والد العريس حافياً ليُدخل الضيوف إلى الخيمة، ويقوم بواجب الضيافة من قهوة وطعام وشراب، وقد بدا بدا عليهم من زيّهم أنهم أغراب .. يتقدّمهم رجل دحداح يلبس الطربوش والملابس الإفرنجية، وبيده جوكلانة (باكورة) مقبضها من فضّة، ويتبعه غلام يحمل بيده " عوداً " .
وما أن استقرّوا في الخيمة حتى أسرّ ابو العريس ببضع كلمات إلي فتاة من عشيرته تُدعى " ريحانة " كانت تغنّي في الدبكة على صوت المزمار (المجوز)، فانطلق صوتها العذب بتحية أحمد شوقي وصحبه بهذه الأبيات الارتجالية من الدلعونا :
على دلعونـــا على دلعونا  
يا أهلا وسهلا باللي يحبّونـــــا

فردّدت حلقة الدبكة من رجال ونساء وفتية وفتيات هذه الردّة، وغنّت ريحانة :
يا أحمد شوقي عندينا قاصدْ   
ما عِنّا كرسي وعَالريضَه قاعد
يا أحمد شوقي يا بو القصايد  
يللي كلماتك بتهزّ الكونــــــــا

فيك وبرجالَك أهلاً يا مصري 
يللي بقصدانك بتسجِّل نصري
شوقي يا شو قي يا عالي القصرِ 
كل مرّه ميِّلْ عالخيمِه هونـــا

شوقي يا شوقي وانتَ الأميري   
وشو تبقَى العجنِه لولا الخميرِه ؟!
يا ريتني أبقَى بنتَك لِزْغيــــرِه  
وأبقَى خدّامَكْ واني ممنونـــــا

وبعد هذا ألا تعجب معي لتلك الموهبة النسائية الشعرية الفلسطينية الجميلة التي أبى إبداعها إلى أن يظلّ عالقاً في صدور الناس إلى يومنا هذا، وسيبقى ما بقيت أحاديث السمر عن مزمار ودبكة وعرس فلسطيني!
وريحانة متوفية منذ سنوات ودفنت في مقبرة ادمث المهجرة .لها الرحمة

في هذا الفيديو  المنطقة التي   جرت فيها الاحداث المذكورة اعلاه




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يقول الشاعر : يداوى فساد اللحم بالملح .. فكيف نداوي الملح إن فسد الملح

كيد_النساء

قصّة مصريّة حقيقة