بندورة يا بلد، بندورة يا شعب , للكاتب سالم حسين
في سوق القرية الضاربة في قلب الصحراء، لم يستفتح بائع البندورة بأي زبون بعد، واستمر يهتف فوق بضاعته احيانا وأحيانا أخرى يرتب جوانبها، إلى أن وقف أمامه شخص مهيب، نزل من سيارة سوداء، يغطي عينيه بنظارة سوداء.قال للبائع بثقة:
_ أريد كل البضاعة بسعر الجملة؛ فأني سأريحك من عناء كثير.
صُدم البائع ولكنه بعد دقائق من المحاورة وافق، وسلم البضاعه وذهب.
أشار الرجل إلى فتيان له في السيارة السوداء، فهبوا منطلقين إلى العمل.
فعل الرجل الأمر نفسه مع كل بائعي البندورة، ثم أطلق فتيانه في السوق وفي دروب القرية، فينادي بعضهم بعضا عن بعد يعلنون أن هناك نقصا في البندوره، وأنهم سيلحقون بما بقي منها، فيسمعهم الناس في كل مكان فينطلقوا ليلحقوا هم أيضا.
جن جنون الناس على البندورة، ازدحموا أمام البسطة التي أقامها الرجل في السوق، تجمهروا وأزبدوا وأثاروا الغبار ولم يعترضوا على السعر الذي ارتفع.
وكان يراقب الأحداث رجل عجوز، يجلس متكئا بكوعه علي خشبة قديمة منذ الصباح، شاهد كل ما فعله الرجل وفتيانه، فقام ودخل في جمهور الناس ليخرجهم من هذا السعار ويبين لهم الحقيقة، الا انه كان ضعيفا فضاع بينهم صوته وكادت الأقدام أن تسحقه، فتولى عنهم وهو يحوقل ويتأسف.
..............
يا ترى من المذنب..
بائعو البندورة الذين ساعدوا المحتكر، ام الناس الذين يصدقون كل ناعق، ام الناصح الضعيف الذي لا يوصل صوته ولا يؤثر.
تعليقات
إرسال تعليق