قصة تبكي أصحاب القلوب الحية : يقول الله تعالى : ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )
قصة تبكي أصحاب القلوب الحية :
يقول الله تعالى :
( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )
فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث .....
قصة الاسكافي وزوجته
يحكى_أن الشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى و هو من علماء وفقهاء مدينة حماة السورية ...
خرج في جمع من حجاج بيت الله الحرام ...
يروي ما جرى معه فيقول : بعد إتمام مناسك الحج في مكة المكرمة خرجنا إلى المدينة المنورة .
وصلنا قبيل أذان العشاء , دخلنا المسجد النبوي الشريف , و بعد صلاة العشاء , و الصلاة في الروضة الشريفة , ثمَّ الوقوف أمام مقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ... والسلام عليه و الدعاء
ذهبنا إلى مكان من المسجد ونزلنا لنرتاح ونستعد لصلاة الفجر .
- أخذني النوم ... و استيقظت قبيل الفجر على رؤيا في منامي هَزَّت كياني
فأخذت أُكثر من الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم .
- في منامي هذا , رأيت رسول الله صلوات الله تعالى عليه و هو يقول لي : يا شيخ محمد حين تصل مدينتك حماة بالسلامة إن شاء الله تعالى , فأتِ أولاً بيت فلان الإسكافي _ و ذكر اسمه _ وقل له : *(( إن رسول الله يبشرك أنَّ الله تعالى قد قبل حجك وحج زوجتك و قد بنى لكما قصراً في الجنة بجواري ))*
-يقول الشيخ محمد : فجلست أفكر في الرجل الذي ذكر لي اسمه رسول الله صلوات الله تعالى عليه , و تذكرت أنه كان يريد الحج هو و زوجته , و لكنهما تخلفا لأمر ما لا أعرفه
و راجعت أسماء الحجاج في قافلة مدينتي , فلم أجد اسمه , و قضيت يومي و أنا أُكثر من الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام .
- ثم إني نمت ليلتي و رأيت نفس الرؤيا وسمعت من رسول الله صلوات الله تعالى عليه يقول لي نفس الكلام
واستيقظت فرحاً برؤية رسول الله عليه الصلاة و السلام , ولكني أفكر بالرجل و كيف قبل الله تعالى حجه
وأعجب أنه ما رآه أحد من أبناء بلدتي في أداء المناسك !!!
ما الأمر ؟ !!!
فاقول : الله أعلم ...
- وكذلك في الليلة الثالثة رأيت نفس المنام و سمعت ذات الكلام من رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم .
- ثلاثة ليال متتاليات والرؤيا واحدة , و الوصية من رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم ذاتها ,
فما كان مني رغبة إلا أن أؤدي مناسكي وأسرع في العودة إلى حماة لأداء وصية رسول الله ﷺ وتبليغ البشرى إلى الإسكافي وزوجته , و بالفعل هذا ما كان ...
- فتم إخبار القافلة بيوم السفر إلى دمشق و أخبر الجميع أهلهم , و خرج أهلنا في مدينة حماة في اليوم المحدد لملاقاة و استقبال أحبابهم من حجاج بيت الله الحرام ,
كما خرج أهلي و إخواني كذلك , و لكني تنفيذاً لوصية رسول الله عليه الصلاة و السلام , و حتى يكون أول ما أفعله حين وصولي إلى حماة أن ألتقي بمن أمرني بلقائه وأبشره بما قاله لي رسول الله صلوات الله تعالى عليه ...
- لذلك ... انفردت عن القافلة واستأجرت سيارة خاصة إلى حماة , وحين بلغت ضواحي المدينة ...
رأيت الناس على مشارفها ينتظرون الحجاج , و رأيت من بينهم أهلي وخلاني ...
غير أني لم أتوقف ولم يلحظني أحد .
- و أتيت بيت الرجل الذي أمرني رسول الله صلوات الله تعالى عليه بلقائه , وأنا أعرفه وأعرف منزله فقرعت بابه , ونوديت من داخل البيت : مَنْ ؟
قلت : أخوكم الشيخ محمد الحامد ...
فسمعت من يقول : الشيخ محمد الحامد ... أفي هذا الوقت ؟؟؟ و الناس بانتظاره على مدخل البلد ... سبحان الله _قالها متعجباً _ و فُتح الباب , ورحب بي الرجل ...
وأدخلني بيته متعجباً من زيارتي في مثل هذا الوقت...
- فلما جلسنا نظرت اليه قائلا : إن لك بشارة من رسول الله عليه الصلاة والسلام ولكني لن أذكرها حتى تقول لي ما الذي منعك من الحج هذا العام ؟!!!
و قد كنتَ هيأت نفسك وزوجتك وأعددتما العدة للحج ؟!!!
- فأطرق رأسه هنية ينظر إلى الأرض ...
ثم نظر إليَّ وتأوَّه وقال : يا شيخ محمد ...
بالفعل كنت قد جمعت على مدى سنوات عديدة الليرة فوق الليرة ... حتى أتهيء وزوجتي لأداء مناسك الحج
وحين اكتمل المبلغ بادرت وزوجتي لتسجيل أسماءنا مع قافلة حجاج بيت الله الحرام لهذا العام
لكن ما منعني يا شيخ محمد , أن امرأتي ذات ليلة أرادت فتح باب الدار لترمي نفايات البيت في حاوية البلدية ...
فلمحت من شق الباب امرأة ملتحفة بغطائها الأسود منكبة على الأرض تجمع من حولها قشور البطيخ
فلما شعرت بأحد يأتي خبأت ما جمعته تحت ملحفتها وأسرعت الخطا إلى بيتها ...
فتبعتها زوجتي بنظرها من شق الباب , فإذا هي جارتنا الأرملة التي سكنت منذ عام في البيت الملاصق لبيتنا .
- وتابع قائلا : تعجبت زوجتي من تصرف جارتنا وبدافع الفضول صعدت زوجتي سطح دارنا لتنظر ماذا ستفعل جارتنا بقشر البطيخ ؟
فقد ظنت أن لديهم غنمة أو معزة ...
فلما صعدت سطح الدار ونظرت إلى دار جيرانها وهنا كانت المفاجأة الكبرى
رأت جارتها _التي توفي زوجها منذ أكثر من سنة_ قد أخذت تقطع قشور البطيخ قطعاً صغيرة , ثم جاءت بخبز يابس ففتته على القشور المقطعة و خلطتهم بقليل من الماء , وأيقظت صغارها وأكبرهم في الثامنة من عمره وأخذت تطعمهم مما جمعته ... وتأكل معهم كأنها تُغريهم ليأكلوا ...
- يقول
الاسكافي مخاطبا الشيخ : وانا كعادتي كنت أخرج للصلاة في المسجد , و لما رجعت رأيت زوجتي تجهش بالبكاء
حتى ظننت أنها قد وقعت وتأذت
فسألتها مصدوما : خيرا ماذا أصابك ؟
فازدادت في البكاء ...
ولما ألححت عليها مستفهما حكت لي ما رأت من سوء معيشة جيراننا .
فلم اتمالك نفسي أن بكيت مثلها و ربما أكثر ...
- يقول الشيخ رحمه الله تعالى : رأيت الاسكافي ينهي قصته ودموع عينيه تجري على خديه
فتأثرت مثله وبكيت
كم نحن مقصرون بحق إخوتنا ؟!
- يتابع الإسكافي سرد قصته مع الأرملة محدثا الشيخ قائلا : يا شيخ محمد ... فاتفقت أنا و زوجتي أن نعطي المبلغ الذي جمعناه لحجنا إلى الأرملة المسكينة ...
سائلين الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا ...
فوضعنا المبلغ في كيس صغير
وقرعت باب المسكينة وأيتامها الصغار , فلما سمعت صوت أقدام من الداخل رميت الكيس من فوق باب بيتهم و ابتعدت سريعا
هذه هي حكايتي يا شيخ محمد , وسبحان من لا يخفى عليه شيء في الأرض و لا في السماء ,
ونسأل الله تعالى القبول
بكى الشيخ ثم قال للإسكافي : ببركة إحسانك لليتامى رأيت رسول الله صلوات الله تعالى عليه يبشرك أنَّ الله قد قبل حجك و حج زوجتك و بنى لكما قصراً في الجنة بجواره صلى الله تعالى عليه و سلم
بكى الاسكافي فرحا سجد لله تعالى شكراً
و صلى على رسول الله عليه الصلاة و السلام .
و اليوم لي ولك { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴿٣٢﴾ } سُورة القَمَر .
واليوم ما أكثر أمثال تلك الأرملة وأيتامها يراهم الجميع أمام أعينهم
فكم من فقير ومحتاج يجمعون طعامهمً لسد رمق صغارهم الجياع
فكم من يتيم مقهور ومريض يشكو ومحتاج يعف عن المسألة ... ؟
فمن لمثل هؤلاء ؟؟؟
ما هي إلا تذكرة في زمن لا يخفى حاله على الجميع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
{ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٥٥﴾
تعليقات
إرسال تعليق