حكايات من خربة ادمث ريحانة وأمير الشعراء أحمد شوقي بقلم الشاعر : سعود الأسدي
حكايات من خربة ادمث
ريحانة وأمير الشعراء أحمد شوقي بقلم الشاعر : سعود الأسدي
حكايات من خربة ادمث
ريحانة وأمير الشعراء أحمد شوقي بقلم الشاعر : سعود الأسدي
في سنوات العشرينات من القرن الماضى جرى تنصيب الشاعر أحمد شوقي أميراً للشعراء ، وكان لهذا الحدث الضخم دويّا كبيراً تردّد في أسماع العرب في جميع أقطارهم يوم كان للشعر صولة ودولة ، وتجاوبوا معه بكل فخرٍ واعتزاز حتى قال شاعر النيل حافظ أبراهيم :
أميرَ القوافي قد أتيتُ مبايعاً
وهذي وفودُ الشرقِِ قد بايعَتْ معي
وقد كثرت الاحتفالات بهذا الحدث الضخم ، وأقيمت المهرجانات والندوات استجابة لتلك المناسبة البهيجة لا سيما وأن أحمد شوقي كان تعويضاً عن ألف عام بعد المتنبي شاعر العرب والعروبة الأكبر إلى يومنا هذا .
وكان للبنان نصيب بمهرجان كبير أقيم على شرف أمير الشعر والشعراء ، وقد حضر بنفسه إلى مدينة زحلة
وهي ( جارة الوادي ) كما دعاها في قصيدته التي مطلعها :
شيّعــتُ أحلامـــي بقلبٍ باكــي
ولممتُ من طرق الملاح شباكي
والتي يقول فيها :
يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبـــه الأحـــلام من ذكراكِ
وكان يومها أن اتّخذ أمير الشعراء طريقاً برّياً للوصول إلى لبنان بسيارة خصوصية أقلّته ورفقاءه ومنهم بلبل الشرق المطرب محمد عبد الوهاب ، وكان أن خرجوا من العريش إلى رفح فغزة فيافا فحيفا فعكا إلى رأس الناقورة بين فلسطين ولبنان .
" وعندما جاء أحمد شوقي ليجتاز رأس الناقورة إلى جنوب لبنان ، وكان الوقت مساء ، التفت هو ومن معه إلى الشرق فرأوا ناراً عظيمة وخياماً وقوماً يسهرون ويغنّون ، فدفع حب الاستطلاع والحاجة إلى الراحة أمير الشعراء وصحبه إلى التعريج على النار والنزول ضيوفاً أعزّاء على عشيرة "عرب العرامشة "، وكانوا مجتمعين في حفلة عرس، وكانت الدبكة البدّاوية على أشدّها ، فانطلقت " المهاهاة والزغاريت " للوافدين على عادة الفلسطينيين في استقبال ضيوف الفرح " ..
" ونمى الخبر في الناس بأسرع من البرق أنّه أحمد شوقي ، وأنّه أكبر شاعر عربي ، وأنّه من مصر !! وهُرع والد العريس حافياً ليُدخل الضيوف إلى الخيمة ، ويقوم بواجب الضيافة من قهوة وطعام وشراب ، وقد بدا بدا عليهم من زيّهم أنهم أغراب .. يتقدّمهم رجل دحداح يلبس الطربوش والملابس الإفرنجية ، وبيده جوكلانة ( باكورة ) مقبضها من فضّة ، ويتبعه غلام يحمل بيده " عوداً " .
وما أن استقرّوا في الخيمة حتى أسرّ ابو العريس ببضع كلمات إلي فتاة من عشيرته تُدعى " ريحانة " كانت تغنّي في الدبكة على صوت المزمار ( المجوز ) ، فانطلق صوتها العذب بتحية أحمد شوقي وصحبه بهذه الأبيات الارتجالية من الدلعونا :
على دلعونـــا على دلعونـــا
يا أهلا وسهلا باللي يحبّونـــــا
فردّدت حلقة الدبكة من رجال ونساء وفتية وفتيات هذه الردّة ، وغنّت ريحانة :
يا أحمد شوقي عندينا قاصدْ
ما عِنّا كرسي وعَالريضَه قاعد
يا أحمد شوقي يا بو القصايد
يللي كلماتك بتهزّ الكونــــــــا
****
فيك وبرجالَك أهلاً يا مصـــــري
يللي بقصدانك بتسجِّل نصـــــري
شوقي يا شو قي يا عالي القصرِ
كل مرّه ميِّلْ عالخيمِه هونـــــــــا
****
شوقي يا شوقي وانتَ الأميري
وشو تبقَى العجنِه لولا الخميرِه ؟!
يا ريتني أبقَــى بنتَك لِزْغيــــرِه
وأبقَى خدّامَكْ واني ممنونـــــا
وبعد هذا ألا تعجب معي لتلك الموهبة النسائية الشعرية الفلسطينية الجميلة التي أبى إبداعها إلى أن يظلّ عالقاً في صدور الناس إلى يومنا هذا ، وسيبقى ما بقيت أحاديث السمر عن مزمار ودبكة وعرس فلسطيني !!
تعليقات
إرسال تعليق