من اجمل ما قرأت لجبران خليل جبران: الخوري سمعان والشيطان
من اجمل ما قرأت لجبران خليل جبران: الخوري سمعان والشيطان
كان الخوري سمعان يتنقل بين القرى النائيه في بقاع لبنان, ليحذر الناس من الشيطان, و يعظهم, و يعدهم بالملكوت.
و في احدي المرات بالقرب من قرية نائية و هو في طريقه اليها سمع صوت رجلاً يئن و يتوجع, فذهب اليه ليستطلع الامر, فاذا به يجد رجلاً ملقي علي الارض, و الدم يتدفق من جروح عديدة احتواها جسده, و يوشك علي الموت, فقال له : من انت؟ و من فعل بك هذا؟ فقال الرجل الجريح : اني اريد المساعدة, انقذني قبل ان اموت! فحسبه الخوري سمعان شقياً عاقبه الناس, فتركه و همّ بالانصراف, فناداه الرجل الجريح قائلاً : انقذني, فانا اعرفك و انت تعرفني, و نحن اصدقاء منذ زمن بعيد, و قد اموت اذا تركتني.
فقال له الخوري : عليك ان تعرفني بنفسك اولاً, فانا لا اعرفك, و لم ارك من قبل, فقال له الجريح : انا "الشيطان" و قد قابلت اليوم جماعة من اجلاف الملائكة, فهجموا عليّ و فعلوا بي ما تري, فلا تضيع الوقت عليً و علي نفسك و حاول ان تنقذني.
فصرخ الخوري بصوت جهوري, و ارتعدت فرائصه, ثم تذكر صور الابالسة المرسومه علي جدران كنيسه القريه, و ادرك بالفعل انه الشيطان, فهم ان يذهب مرة اخري, لكن الشيطان ناداه قائلاً : لا تكن متسرعاً يا ابتاه, انقذني قبل فوات الاوان, فقال له الخوري : لقد قضيت عمري احاربك, و احذر الناس من شرورك, فهل عندما تلقي جزائك هكذا, و يعاقبك الرب تريد مني ان انقذك!! و تركه و مضي.
فناداه الشيطان مستعطفاً و لكن بمكر : لي سؤال عندك قبل ان تذهب, فانا اعلم مقدار ذكائك جيداً, فقال له الخوري : سل ما شئت, فسأله الشيطان قائلاً : ما هي وطيفتك في الحياة, و ما هو العمل الذي تتربح منه, اليست كل وظيفتك هي ابعاد الناس عني, و تخويفهم من وساوسي, و تجني في سبيل ذلك الذهب و الفضة و العشور, فاذا انا مت فمن اين لك بكل هذه المكاسب, بل من اين لك بقوت يومك؟
ففكر الخوري سمعان قليلاً, ثم حمل الشيطان فوق ظهره المنحني, و ذهب به الي بيته لينقذه..!!
تعليقات
إرسال تعليق