ما من مصيبة إلّا الجهل...مذكرات_الأرقش مـيخائيـل نـعيمـه
.
ما من مصيبة إلّا الجهل...مذكرات_الأرقش
مـيخائيـل نـعيمـه
. فالمصيبة تثقل على قدر جهلنا مصدرها ومعناها . وتخفُّ على قدر فهمنا معناها ومصدرها .
هنالك بعض الذين يدّعون التقوى . والذين إذا حلّت بهم مصيبة قالوا : هي تجربة من الله . وقد فاتهم وفات جميع النّاس أنّ الله معلّم لا مجرّب . فلا يجرّب إلّا الذي يجهل نتيجة التجربة .
والله يعلّم خائفيه وغير خائفيه بالسواء . فليس عنده محبوب وممقوت ، وجدير وغير جدير ، ونبيه وخامل . وهو يعلّم النّاس تارة باللذّة ، وطوراً بالألم . آناً بالمتعة ، وآونة بالحرمان . وما يزال ينوّع في الأمثله وشروحها وزمانها ومكانها ، ويتدرّج بنا في سلّم المعرفة درجة درجة حتى نفهم قصده منّا وقصدنا منه .
إن مثالة واحدة يتقنها الإنسان , كأن يفهم أنّ المال لا يصلح ركناً للحياة ، أو أنّ أعماله ترتدّ إليه ، لجديرة بعمر كامل يحياه الإنسان على الأرض . مَن فهم مثالة أصبح في غنى عنها فانصرف إلى سواها . ومن لم يفهمها كان في حاجة إلى تكرارها في شتّى القوالب والألوان . لذلك لا تنفكّ الأوجاع بأصنافها تفتك بالنّاس . لأن الناس ما تعلّموا بعدُ أن الهرب من الوجع إلى اللذّة هو وجه آخر من الوجع ، أو هرب من مثالة لم يفهموها إلى أخرى لا يفهمونها . وأن لا ملاذ من الوجع إلّا بمعرفة ما يتطلبّه منّا المعلّم الأكبر ، والعمل به .
#مذكرات_الأرقش
مـيخائيـل نـعيمـه
تعليقات
إرسال تعليق