قصة قصيرة ) " خيانة مطبوعة "
(قصة قصيرة )
" خيانة مطبوعة "
استيقظت على مكالمة هاتفية من أحد اصدقائي ، يطلب مني فيها أن اصطحبه إلى عيادة أحد استشاري القلب والأوعية
الدموية .
فحلّقت الكلمات فوق وعيّ برهة ، ثم حطت ومن ثم طارت نحوه بسؤال (وجودي) مما حار في إيجاد إجابة له عقول أولي النهى ، وهو ' ما بك يا صديقي ؟
فأجاب, في انكسار من افترسته الخيانة : توقف قلبي عن النبض لدقيقة تقريبا ،
ثم ما لبث أن عاد لنبضه حتى انتابني خفقان فهد يأس من نيل طريدته .
فحطت الكلمات هذه المرة وكأنها آلت بعده أن لا تطير ،
-إذ كيف لطير أن يثق بما يحمله ،اكثر مما يحمله ـ ؟
وماذا عن الفهد اليائس ، هل سيظل يائسا ؟
وهل لم يعد للطير ثقة بالهواء الذي يحملها ، كما لم تكن لها ثقة في قلوبها التي تحملها بين اضلاعها ؟
أودعت صديقي إلى لقاء مبرم بعد دقائق ،
-وكيف لي أنا أيضا أن أثق بتلك الدقائق -؟
إن القلب الذي توقف عن ما جُبل عليه، لما
يقارب الدقيقة ، ليعلم جيدا قيمه الوقت- -!
نعم، إن قلبك الذي بين اضلاعك يعلم جيداً متى سيسكن للأبد ، ولكن لن يخبر عقلك أبدا بسره مخافة أن يشي به .
ـ وهكذا طبائع الاشياء ـ
راودتني بعض الأفكار وانا في طريقي الى منزل صديقي ؛
منها ، ماذا لو أن نوبات توقف القلب هذه متكررة ،بل وفي ازدياد من حيث زمان حدوثها
او ان تكون هذه النوبات عرض لوباء قد أصاب
جماعات من البشر ، والموت مآلهم جميعاً!
ثم طرحت على نفسي سؤال - وكأن طيري حنث في يمينة ،
وما يضيرك إن كان البشر يموتون جمعا أو تموت وحدك ؟
ها هو باب بيت صديقي على مرمى بصر لمّا يعد بعد بحديد ،
نحيت كل ما يدور بخلدي جانبا ، فمن واجب الوقت ، أن أرتب طبائعي لكي إلقى صديقي المرتاع ، بما هو أوفق في مثل هذه الأحوال.
طرقت الباب مرات ولم اجد من يجيب ،
-هل آثر صديقي الصمت ،عاملا بذالك على استرضاء قلبه الذي لن يجيب سائلاً ؟
-ماذا ؟
هل توقف قلبه مرة ثانية ، أو لربما تكون
الثالثة أو الرابعة ،
عالجت أمر الباب ودخلت لاضع حدا لبعض هذه التساؤلات،
ولكن قد دخل الموت عليه قبلي ،
وإذ بصديقي ساكناً سكون من أُجِيبت كل سؤالاته ، بل ولربما الآن فُسّرت كل أحلامه.
الآن يا صديقي أنت تثق في ما يحملك لا في ما تحمله ،
فإلى لقاء يعلم القلب أوانه و يعميه الحجال .
بقلم
" هيثم سيف "
' أبو المهاب '
تعليقات
إرسال تعليق