حكاية الراعي الكردي العجوز
يحكى في قديم الزمان عن راعي يعيش في قرية كردية ، هادئة ، و جميلة في سفح جبل، وكان لديه زوجتان ، يحبهما ،ولا يفضل أي منهما على الأخرى ،وشاءت الأقدار أن تحمل المرأتان و تلدان في نفس الوقت ،و كلاهما أنجبت طفلة، سمّت الزوجة الاولى طفلتها (فاتو) .. أما الزوجة الثانية فقد سمتها (عيشو) . وكانت البنتان ما شاء الله جميلتان كأنهما فلقة قمر، لكن أم (فاتو) لم يكتب لها أن تسعد مع إبنتها ،فمرضت ،ولم يجد الأطباء لها علاجا، فتوفيت ،ودمعتها على خدها و بقيت البنت تحت رحمة زوجة أبيها .توالت الأيّام ،كبرت الفتاتان ، و كانت (فاتو) دائما تتعرض للظلم من قبل زوجة أبيها كل يوم كانت ترسل تلك المرأة الفتاتين لرعي الحيوانات ، فكانت تضع في جراب ابنتها ما لذّ و ما طاب من الأكل ،ما (فاتو) فكانت تضع لهارغيف خبز يابس و وبصلة ،أما في الدار ، فكانت كل الأعمال المتعبة تقع على عاتق (فاتو) أما كل ما هو سهل تقوم به (عيشو) ،ولما تجلسان تعطيي المرأة لابنتها كرة صوف صغيرة لتغزلها ،أما (فاتو) فيكون نصيبها كرة صوف كبيرة ،وحين تذهب أختها للنوم ،تبقى المسكينة تغزل ،ولا تنام إلا بعد أن تنتهي من الغزل .ولم تكن البنت تشتكي لأبيها لأنه لا يصدّقها فهي تعلم أن زوجته تسحره، فيطيعها في كلّ شيئ ،ولا يرفض لها طلبا .
و مع مرور الأيام كانت (عيشو) تزيد غنجاً و دلالاً ،و كان وجهها يشع نوراً من كثرة جمالها .. أما (فاتو) فيوماً بعد يوم كانت تفقد جمالها الخلاب و سحرها من كثرة التعب، و قلة الأكل .فلا لحم أو شحم .و كانت لدى (فاتو) بقرة صفراء ،ربّتها منذ صغرها و سبحان الله كانت هذه البقرة تحبّ (فاتو) كثيراً، و تفرح لفرحها ،و تحزن لحزنها .فعندما كان يأتي دور (فاتو) في الرّعي كانت تقود القطيع ،لكي لا تتعب (فاتو) معهم ،وتجلس للراحة، أما عندما كان يأتي دور (عيشو) فكانت تحرّض الحيوانات على الفرار في الجبل ،لتقوم (عيشو) بالجري ورائها كامل اليوم ،و كانت تلك البقرة تكره (عيشو) لشرّها، ولا تسمح لـها بأن ترتاح ،ولو للحظة، أما الفتاة ،فهي دائما تهدّدها بالانتقام منها ،أما البقرة فكانت تفهم ما تقول البنت،ثم تدور ،وتهز ذيلها أمامها بإحتقار ،وهو ما يزيد في غضب (عيشو) منها .
وكانت هناك عجوز فقيرة ،لا يعرف أحد من أين أتت ،تجلس دائما على حافة الجبل ،ولما ترى (عيشو) تقول لها أعطني من طعامك ،فتسخر منها ،وتتركها تتضوّر جوعا ، ولما تمرّ (فاتو) فإنه تتوقف ، وتقول لها تفضلي يا خالة ،.فكانت تقتسم معا طعامها الخشن ، فتدعو لأمّها بالرّحمة .و في يوم من الأيام كانت العجوز تتجوّل في المرعى ،وهي تتوكّأ على عصاها، فرأت (عيشو) تأكل ،وقد نصبت منديلا عليه خبز شعير ،ودجاج مشوي ،وخسّ وفجل، فاشتهت أن تأكل من ذلك الطعام ،لكن البنت أدارت لها ظهرها ،فاحمرّت عينا العجوز، من الغيظ، ثم قالت : يا ابنتي ،سترين في طريقك جدولان من الماء يتقاطعان ، أحدهما مياهه سوداء ،و الثاني بيضاء ، اغسلي وجهك،واشربي من الماء الأسود، و لا تقتربي من الماء الأبيض ،و ستزيدين غنجاً و دلالاً إن شاء الله ،نظرت لها البنت بطرف عينها ،وقالت لها :عن ماذا تتحدّثين أيتها العجوز ؟ أنا أمرّ كلّ يوم من هذا الطّريق ،ولا وجود لينابيع لا بيضاء ،ولا سوداء ،دون شكّ لقد أصابك الخرف ،هيّا أغربي عن وجهي ،فلقد أفسدت شهيّتي .
ثم واصلت العجوز طريقها، وقد إشتدّ حنقها على تلك البنت الوقحة، فصادفت (فاتو) جالسة ،وقد تجمّعت حولها الطيور تنقر فتات الخبز، فسألتها لماذا لا تأكلين مع أختك ؟ ردّت عليها: إنها لئيمة،يا خالة، لا تريد أحدا بجانبها وقت الطعام ، هيا كلي معي من خبزي !!! فقالت لها العجوز : إسمعي يا ابنتي، سيعترضك جدولان من الماء يتقاطعان أحدهما مياهه سوداء ،و الثاني بيضاء .. اغسلي وجهك ،واشربي من الماء الأسود ،و لا تقتربي أبداً من الماء الأبيض، ولا تغرّنك نقاوته ،تذكّري هذه النّصيحة ،وإلا ستندمين،تعجّبت (فاتو) من حكاية العجوز، لكنها ردّت عليها ،نعم، سأفعل ذلك يا خالة ... انتهي الجزء الاول الجزء الثاني والاخير باقي القصة كاملة اول كومنت⏬👇🏼
تعليقات
إرسال تعليق