نيكولا تسلا: العبقري الذي سبق عصره وسقط في النسيان💡

 



نيكولا تسلا: العبقري الذي سبق عصره وسقط في النسيان💡


وُلد نيكولا تسلا (Nikola Tesla) عام 1856 في قرية سميلجان، الواقعة اليوم في كرواتيا، لعائلة صربية. منذ طفولته، أظهر موهبة مذهلة في الرياضيات والهندسة، وكان قادرًا على إجراء عمليات حسابية معقدة في ذهنه دون الحاجة إلى كتابتها. كان يتمتع أيضًا بذاكرة فوتوغرافية حادة، حيث كان يستطيع تذكر الكتب بالكامل بعد قراءتها مرة واحدة. هذه القدرات جعلته يبرز كعالم مستقبلي لديه رؤية فريدة للعلم والتكنولوجيا.


و في عام 1884، انتقل تسلا إلى الولايات المتحدة للعمل مع توماس إديسون (Thomas Edison)، الذي كان آنذاك رائدًا في مجال الكهرباء. لكن سرعان ما نشأ خلاف بينهما، حيث كان إديسون يدعم التيار المستمر (Direct Current - DC) بينما كان تسلا يؤمن بأن التيار المتناوب (Alternating Current - AC) أكثر كفاءة لنقل الكهرباء لمسافات طويلة. انفصل تسلا عن إديسون لاحقًا، وانضم إلى رجل الأعمال جورج وستنجهاوس (George Westinghouse)، مما أدى إلى تفوق التيار المتناوب في "حرب التيارات" الشهيرة، وأصبح النظام القياسي للكهرباء حول العالم.


الاختراعات الثورية والأفكار المستقبلية🌟:


لم يكن تسلا مجرد مهندس كهرباء، بل كان عالمًا صاحب خيال لا حدود له. اخترع ملف تسلا (Tesla Coil)، وهو جهاز يُستخدم في توليد الفولتية العالية، وساهم في تطوير أنظمة الإضاءة اللاسلكية. كما كان لديه أفكار متقدمة مثل نقل الكهرباء لاسلكيًا، وأراد بناء "برج واردنكليف (Wardenclyffe Tower)"، وهو مشروع طموح يهدف إلى توفير الكهرباء المجانية للعالم بأسره. لكن هذا المشروع لم يكتمل بسبب نقص التمويل، حيث انسحب المستثمرون خوفًا من عدم تحقيق أرباح.


مساوئه وأخطاؤه القاتلة👇


رغم عبقريته الفريدة، واجه تسلا العديد من المشكلات التي جعلت حياته المهنية تنهار تدريجيًا:


1) ضعف مهاراته في إدارة الأعمال: لم يكن تسلا مهتمًا بجني المال، ولم يسجل براءات اختراع لبعض أفكاره، مما سمح لمنافسين مثل غولييلمو ماركوني (Guglielmo Marconi) بالحصول على الفضل في اختراع الراديو، رغم أن تسلا كان أول من وضع أساساته.


2) أفكاره غير الواقعية: كان تسلا يؤمن بإمكانية نقل الكهرباء لاسلكيًا عبر الهواء دون الحاجة إلى أسلاك، وهي فكرة ثورية لكنها لم تكن عملية في عصره، مما جعله يفقد دعم المستثمرين.


3) عزلته الاجتماعية الغريبة: عاش تسلا وحيدًا طوال حياته، ولم يتزوج، وكان يرفض أي علاقة اجتماعية عميقة، حيث كان مهووسًا بالنظافة والروتين الصارم، وكان يُقال إنه يكره لمس الشعر البشري ويغسل يديه بشكل مفرط.


4) تدهور حالته النفسية والعقلية: في سنواته الأخيرة، بدأ تسلا يُظهر سلوكًا غريبًا، حيث ادّعى أنه يتواصل مع كائنات فضائية، وكان يعاني من الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder - OCD)، مما زاد من عزلته.


5) إفلاسه المالي: رغم أنه كان في يوم من الأيام رجلًا ثريًا بسبب اختراعاته، إلا أنه فقد كل أمواله بسبب قراراته السيئة وعدم اهتمامه بالجانب التجاري، وانتهى به المطاف يعيش في فندق صغير في نيويورك، يعتمد على التبرعات من محبيه.


و في عام 1943، توفي نيكولا تسلا وحيدًا في غرفته الفندقية عن عمر يناهز 86 عامًا، بعد أن عانى من نوبة قلبية. لم يكن هناك سوى عدد قليل من الأشخاص الذين حضروا جنازته، رغم أنه كان أحد أعظم العقول في التاريخ.


لكن بعد وفاته، بدأ العالم يدرك أهمية أعماله، وأعيد الاعتراف به كأحد أعظم العلماء والمخترعين على الإطلاق. اليوم، اسمه يُستخدم في وحدة قياس المجال المغناطيسي (Tesla - T)، وشركة Tesla Inc. التي أسسها إيلون ماسك (Elon Musk) تحمل اسمه تكريمًا له.


رغم كل معاناته، كان نيكولا تسلا عبقريًا سبق عصره، وأفكاره ما زالت تُلهم العلماء حتى اليوم. فهل كان سيغير العالم أكثر لو أنه وُلد في زمن آخر؟ ربما، لكن المؤكد أن إرثه العلمي سيظل خالدًا إلى الأبد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يقول الشاعر : يداوى فساد اللحم بالملح .. فكيف نداوي الملح إن فسد الملح

هاظا أني معاه إن هج بهج , وإن حج بحج . الجمل والحصيني قصة طريفة تحاكي الواقع

حج أم هج ؟ حكاية طريفة جدااا