في صباح بارد من سبتمبر عام 1991، شق متسلقان ألمانيان طريقهما عبر مرتفعات جبال الألب عندما تعثرت أقدامهما بشيء غير متوقع، على ارتفاع 3210 أمتار،




 في صباح بارد من سبتمبر عام 1991، شق متسلقان ألمانيان طريقهما عبر مرتفعات جبال الألب عندما تعثرت أقدامهما بشيء غير متوقع، على ارتفاع 3210 أمتار،

 وسط الجليد الذي بدأ يذوب، ظهرت جثة بشرية، بدت محفوظة بشكل مذهل وكأنها تنتمي إلى زمننا الحاضر، فظنت الشرطة في البداية أنها ضحية حديثة، لكن سرعان ما كشفت التحاليل أن هذا الرجل جاء من عمق التاريخ، من زمن لم يكن أحد يتخيل أن يجد له أثرًا بهذا الوضوح.


أطلق العلماء على هذه المومياء اسم "أوتزي"، نسبةً إلى وادي أوتزتال الواقع على الحدود الإيطالية النمساوية حيث وُجدت، ولم يكن هذا الاكتشاف مجرد بقايا بشرية متجمدة، بل كان بوابة تُفتح لأول مرة على حياة إنسان من خمسة آلاف عام مضت، فبدأ البحث عن سر وفاته، حتى جاء عام 2001 ليحسم الجدل: سهم أصاب كتفه الأيسر، أدى إلى نزيف داخلي أنهى حياته بين عامي 3350 و3100 قبل الميلاد.


مع مرور السنوات، ازدادت الأسرار التي أفصح عنها أوتزي، حيث أنه في عام 2012، كشفت فحوصات الحمض النووي أن لون عينيه كان بنيًا، وشعره أسود، وأنه ينحدر من سلالة قريبة من سكان سردينيا وكورسيكا، وعند وفاته، كان في السادسة والأربعين من عمره، بطول 1.60 متر، ووزن 50 كيلوغرامًا، ولكن المفاجأة الكبرى جاءت من داخل أحشائه، حيث عُثر على جرثومة المعدة "الملوية البوابية"، وهي نفس البكتيريا التي تسبب القرحة اليوم، مما دفع العلماء إلى التساؤل عما إذا كانت ذات يوم مفيدة للبشر، تساعدهم في هضم اللحوم قبل أن تتحول إلى مصدر للأمراض.


لم يكن أوتزي رجلاً بدائيًا يعيش بلا حيلة، بل كان مجهزًا بأدوات تعكس براعة مذهلة لعصره، كان يحمل فأسًا نحاسيًا يُعتقد أنه كان من أكثر الأدوات تطورًا في زمنه، إلى جانب خنجر حجري، وعدة لإضرام النار، وأدوات طبية بدائية، حتى ملابسه كانت متقنة الصنع، مصنوعة من جلود خمسة أنواع مختلفة من الحيوانات، في دليل على مهارة لم تكن تُنسب سابقًا لرجال ذلك العصر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هاظا أني معاه إن هج بهج , وإن حج بحج . الجمل والحصيني قصة طريفة تحاكي الواقع

حج أم هج ؟ حكاية طريفة جدااا

يقول الشاعر : يداوى فساد اللحم بالملح .. فكيف نداوي الملح إن فسد الملح