من سارا على الدرب وصل... الشاعر ابن الوردي, وتعد من أروع قصائده :
من سارا على الدرب وصل...
يقول الشاعر
ابن الوردي, وتعد من أروع قصائده والتي يقول فيها :
اعتزل ذِكرَ الأغاني والغَزَلْ * * * وقُلِ الفَصْلَ وجانبْ مَـنْ هَزَلْ
ودَعِ الـذِّكـرَ لأيـامِ الصِّبا * * * فـلأيـامِ الصِّبـا نَـجمٌ أفَـلْ
إنْ أهنا عيـشةٍ قـضيتُهـا * * * ذهـبتْ لذَّاتُهـا والإثْـمُ حَـلّ
واتـرُكِ الغادَةَ لا تحفلْ بها * * * تُـمْسِ فـي عِزٍّ رفيعٍ وتُجَلّ
وافتكرْ في منتهى حُسنِ الذي* * * أنـتَ تـهواهُ تجدْ أمـراً جَلَلْ
واهجُرِ الخمرةَ إنْ كنتَ فتىً * * * كيفَ يسعى في جُنونٍ مَنْ عَقَلْ
واتَّـقِ اللهَ فتـقوى الله مـا * * * جاورتْ قلبَ امريءٍ إلا وَصَلْ
ليسَ مـنْ يقطعُ طُرقاً بَطلاً * * * إنـما مـنْ يـتَّقي الله البَطَـلْ
صدِّقِ الشَّرعَ ولا تركنْ إلى * * * رجـلٍ يـرصد في الليل زُحلْ
حارتِ الأفكارُ في حكمةِ مَنْ * * * قـد هـدانـا سبْلنا عزَّ وجَلْ
كُتبَ الموت على الخَلقِ فكمْ * * * فَـلَّ من جيشٍ وأفنى من دُوَلْ
أيـنَ نُمـرودُ وكنعانُ ومنْ * * * مَلَكَ الأرضَ وولَّـى وعَـزَلْ
أيـن عادٌ أين فرعونُ ومن * * * رفـعَ الأهرامَ مـن يسمعْ يَخَلْ
أينَ من سادوا وشادوا وبَنَوا * * * هَـلَكَ الكلُّ ولـم تُـغنِ القُلَلْ
أينَ أربابُ الحِجَى أهلُ النُّهى * * * أيـنَ أهـلُ العلمِ والقومُ الأوَلْ
سيُـعيـدُ الله كـلاً منـهمُ * * * وسيَـجزي فـاعلاً ما قد فَعَلْ
إيْ بُنيَّ اسمعْ وصايا جَمعتْ حِكمـاً * * * خُصَّتْ بهـا خيرُ المِللْ
أطلبُ العِلمَ ولا تكسَلْ فمـا * * * أبعـدَ الخيرَ على أهـلِ الكَسَلْ
واحتفـلْ للفقهِ في الدِّين ولا * * * تـشتغلْ عنـهُ بـمالٍ وخَـوَلْ
واهـجرِ النَّومَ وحصِّلهُ فمنْ * * * يعرفِ المطلوبَ يـحقرْ ما بَذَلْ
لا تـقلْ قـد ذهبتْ أربابُهُ * * * كلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ
في ازديادِ العلمِ إرغامُ العِدى * * * وجمالُ العلمِ إصـلاحُ العمـلْ
جَمِّلِ المَنطِقَ بالنَّحو فـمنْ * * * يُـحرَمِ الإعرابَ بالنُّطقِ اختبلْ
انـظُمِ الشِّعرَ ولازمْ مذهبي * * * فـي اطَّراحِ الرَّفد لا تبغِ النَّحَلْ
فهوَ عنوانٌ على الفضلِ وما* * * أحسنَ الشعرَ إذا لـم يُـبتـذلْ
ماتَ أهلُ الفضلِ لم يبقَ سوى* * * مقرف أو من على الأصلِ اتَّكلْ
أنـا لا أخـتارُ تـقبيلَ يدٍ * * * قَـطْعُها أجملُ مـن تلكَ القُبلْ
إن جَزتني عن مديحي صرتُ في* * * رقِّها أو لا فيكفيني الخَـجَلْ
أعـذبُ الألفاظِ قَولي لكَ خُذْ * * * وأمَـرُّ اللفظِ نُطـقي بِلَعَـلّْ
مُلكُ كسرى عنهُ تُغني كِسرةٌ * * * وعـنِ البحرِ اجتزاءٌ بالوَشلْ
اعـتبر (نحن قسمنا بينهم) * * * تـلقهُ حقاً (وبالحـق نـزلْ)
ليس ما يحوي الفتى من عزمه * * * لا ولا ما فاتَ يومـاً بالكسلْ
اطـرحِ الدنيا فمنْ عاداتها* * * تخفِضُ العاليْ وتُعلي مَنْ سَفَلْ
عيشةُ الرَّاغبِ في تحصيلِها * * * عيشـةُ الجاهـلِ فيهـا أو أقلْ
كَـمْ جَهولٍ باتَ فيها مُكثراً * * * وعليـمٍ باتَ منهـا فـي عِلَلْ
كمْ شجاعٍ لم ينلْ فيها المنى * * * وجبـانٍ نـالَ غاياتِ الأملْ
فاتـركِ الحيلةَ فيها واتَّكِلْ * * * إنـما الحيلةُ فـي تركِ الحِيَلْ
أيُّ كفٍّ لمْ تنلْ منها المُنى * * * فرمـاهـا اللهُ منـهُ بـالشَّلَلْ
لا تقلْ أصلي وفَصلي أبداً إنما* * * أصلُ الفَتى ما قـد حَصَلْ
قدْ يسودُ المرءُ من دونِ أبٍ * * * وبِحسنِ السَّبْكِ قدْ يُنقَى الدَّغّلْ
إنـما الوردُ منَ الشَّوكِ وما * * * يَنـبُتُ النَّرجسُ إلا من بَصَلْ
غـيرَ أني أحمـدُ اللهَ على* * * نسبـي إذ بـأبي بكرِ اتَّصلْ
قيمـةُ الإنسانِ مـا يُحسنُهُ * * * أكثـرَ الإنسـانُ منـهُ أمْ أقَلْ
أُكـتمِ الأمرينِ فقراً وغنى * * * واكسَب الفَلْسَ وحاسب ومن بَطَلْ
وادَّرع جداً وكداً واجتنبْ * * * صُحبةَ الحمقى وأربـاب الـخَلَلْ
بـينَ تبـذيرٍ وبُخلٍ رُتبةٌ * * * وكِـلا هـذيـنِ إنْ زادَ قَتَـلْ
لا تخُضْ في حـق سادات مَضَوا * * * إنـهم ليسوا بـأهلِ للزَّلَلْ
وتغاضى عـن أمورٍ إنـه لـم* * * يـفُزْ بالحمدِ إلا من غَفَلْ
ليسَ يخلو المرءُ مِنْ ضدٍّ ولَو* * * حاولَ العُزلةَ في راسِ الجبَلْ
مِلْ عن النَمَّامِ وازجُرُهُ فما * * * بلّغَ المـكروهَ إلا مـن نَقَـلْ
دارِ جارَ السُّوءِ بالصَّبرِ وإنْ * * * لـمْ تجدْ
يحكى أن ملكا قام باستدعاء ثلاثة من الوزراء
وطلب منهم طلبا عجيبا،
فقد طلب من كل واحد منهم أن يحضر كيسا كبيرا ويقوم بملئه بثمار طيبة من البستان ،
وأمرهم بأن يقوموا بهذا العمل بأنفسهم دون الاستعانة باي شخص،
استغرب الوزراء الثلاثة من الطلب الذي طلبه الملك، ولكن لم يكن أمامهم سوى تنفيذ طلبه والانصياع لأوامره، فأخذ كل منهم كيسه ثم ذهبوا جميعهم لملء الكيس من البستان، فكيف فكر كل منهم وكيف قام كل منهم بتنفيذ أوامر الملك ؟.
قام الوزير الأول بملء الكيس من أفضل أنواع الثمار وأجودها وأحسنها، وكان ينتقي كل ثمرة بعناية من أطيب الثمار، وقد فعل ذلك من أجل أن ينال رضا الملك، أما الوزير الثاني فقد رأى أن الملك لا يريد الثمار لنفسه وأنه لن يتفحصها، ولذا لم يهتم بجودة الثمار التي ينتقيها، وكان يضع في الكيس ما يجده أمامه من ثمار بكسل وإهمال، ولم يهتم باختيار الثمار الطيبة بل كان يملأ كيسه بالصالح والطالح معا، أما الوزير الثالث فلم يهتم بما طلبه الملك أساسا، اعتقادا منه بأن الملك لن يكترث بما في داخل الكيس، وقام بوضع الكثير من أوراق الشجر والحشائش لملأ الكيس، وفي اليوم التالي استدعى الملك الوزراء الثلاثة وأمرهم بإحضار الأكياس التي جمعوا فيها الثمار .
ثم أمر رئيس الجند بحبس الوزراء الثلاثة في السجن، ووضع كل واحد منهم في حبس بمفرده ومعه كيسه لمدة ثلاثة أشهر، وأمر بمنع زيارتهم ومنع الأكل والشرب عنهم طيلة مدة الحبس، وبالفعل تم تنفيذ أوامر الملك وظل الوزراء الثلاثة في السجن لمدة ثلاثة أشهر،
أما الوزير الأول فقد كان معه ما يكفيه من الثمار الطيبة التي جمعها
، واستطاع أن يعيش حياة طيبة لمدة ثلاثة أشهر،
والوزير الثاني عاش في ضنك وضيق حال لأنه اعتمد على الثمار الطيبة فقط، ولم تنفعه الثمار الفاسدة التي جمعها،
أما الوزير الثالث فقد كان أسوأهم حظا فقلم يستطع تحمل الجوع ومات قبل انقضاء الشهر الأول .
نستنتج من هذه القصة أن من يجد ويجتهد ويتقن عمله هو الذي يصل إلى النجاح والفلاح ،
أما الذي يتكاسل ولا يجتهد فلا يمكن أن يحقق أي نجاح ولن يصل إلى أي هدف ، فلا بد من المثابرة والعمل الدءوب والصبر وعدم الاستسلام
، فالنجاح يحتاج إلى الجهد والتعب والإصرار مهما كانت الصعاب والمعوقات
تعليقات
إرسال تعليق